أخبار إيجاز

صراعات الأجنحة الحوثية تظهر للعلن

إيجاز .. تقرير خاص

 

"التغيير الجذري" الذي هندسته المليشيا لامتصاص غضب المطالبين برواتبهم، يفتح جبهة صراعات بينية داخل قيادات الصف الأول التي تحاول الهروب من تحويلها إلى كبش فداء للفساد المهول

ظهرت الصراعات البينية بين القيادات الحوثية إلى العلن بشكل غير مسبوق، وذلك مع اتساع رقعة الغليان الشعبي ضد الجماعة من قبل الأصوات المدنية المطالبة بالرواتب، وسعي البعض من قيادات الصف الأول للتنصل من تهم الفساد وسوء الإدارة.

 

وتبادلت القيادات الحوثية، تُهم التخوين والتواطؤ مع الأصوات المنددة بالفساد ودعم المطالبين بالراتب والحقوق المشروعة، كتتويج لصراعات خفية لم تكن تظهر إلى العلن بشكل رسمي كما حصل خلال الأيام الماضية.

 

وقالت مصادر لـ"إيجاز" إن جناحا حوثيا يحظى بدعم خفي من ناطق المليشيات، محمد عبدالسلام، يتبنى حملة شعواء ضد القيادي المدعو مهدي المشاط رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى بهدف الإطاحة به، بعد تحميله كامل المسؤولية في سوء الإدارة وأيضا تأجيج العلاقة الصورية مع حزب المؤتمر الشعبي والقيادي صادق أمين أبو رأس.

وتصدر القيادي البارز، يحيى القحوم، هذا الجناح الذي يحاول تقديم نفسه بأنه أكثر اعتدالا وقبولا بالآخر، خلافا للجناح المتطرف داخل الجماعة، الذي يتزعمه القيادي محمد علي الحوثي والقيادي حسين العزي، والذي يسعى للسيطرة على كامل القرار داخل مفاصل المليشيات.

ويعتقد مراقبون، أن المليشيات الحوثية التي تخطط لإجراء ما سميت بـ"التغييرات الجذرية" تسعى للإطاحة بالمشاط من أجل تحسين صورتها وامتصاص غضب الشارع، لافتة إلى أن بروز القحوم وتبنيه للخطاب المعتدل، هدفه استعادة السيطرة على القواعد الشعبي التي تتهاوى في صنعاء وباقي المحافظات الخاضعة للانقلاب.

ووفقا للكاتب والمحلل السياسي، عبدالسلام القيسي، فإن المليشيات، برعت منذ انقلابها على ايجاد شخصيات معتدلة، بسياسة محترفة، لخداع المعارضين، إلا أنهم يمثلون دوراً رسمته لهم الجماعة، كما يوسف الفيشي، وقبل ذلك صالح الصماد.

وقال القيسي في تدوينه على منص إكس " الناس عفويون بالطبع كانوا يكرهون في فترة ما الحوثية ويحترمون الفيشي أو الصماد، والشخصيات هذه تستطيع استقطاب المساحات المستحيلة بالمظهر الطيب والحسن والمتعاطف، والشخصيات هذه عبارة عن فخاخ احترافية".

 

 

تعرية الأبواق الحوثية

 

تمتلك الأجنحة الحوثية أبواق متعددة مدججة بكافة المنابر الإعلامية والذباب الإلكتروني، ويبرز محمد العماد، الذي يدير قناة "الهوية" وعابد المهذري، من قناة "اللحظة"، كأبرز الأبواق التي تشن عبرها القيادات الحوثية معاركها الإعلامية.

 

خلال الأيام الماضية، شن العماد هجوما على القيادي علي القحوم واتهمه بالتواطؤ مع الأصوات المدنية وعدم اتخاذ موقف عدائي من الناشطين المدنيين وكذلك من القيادي المؤتمري صادق أمين أبو رأس.

 

لكن القحوم المعروف بعدم المواجهة الإعلامية، ظهر بصورة مغايرة وشن هجوما كاسحا على العماد ما أثلج قلوب العشرات من الأصوات المنددة بفساد المليشيات.

واتهم القحوم، محمد العماد بالتلون والتعدد للشرائح والبرمجة مع تقلبات المرحلة والممولين، لافتا إلى أن ضجيجه المتكرر والمستمر لنخر الجبهة الداخلية، دليلا على فهمه العميق والمتجذر في عقليته المبهرة للعيان.

وأشار القحوم، إلى أن قناة الهوية التابعة للعماد، لم يسلم منها احد من السب والشتم وتوزيع التهم والتخوين والعمالة، وقال إن ذلك الضجيج هو الشيء الوحيد الذي يبرع فيه، وأنه كلما زاد ذلك الضجيج التفت إليه الممولين من الداخل والخارج، دون رقابة أو تفتيش، في تلميح إلى مسألة تتبع منابع الدعم الذي يتلقاه.

وأضاف مخاطبا العماد "كل هذا يحدث دون رقابة، فقط لأنك محظوظ وبوق ناجح ويفوق عقلية الممولين والأعجب من ذلك أن الغناء والمزامير محرمة في الإذاعات والقنوات الأخرى وحلال عليك".

وأتهم القيادي القحوم، العماد بالابتزاز والعمل المشبوه وشتم الناس وتهديد القضاة والسلك القضائي ورفض الاستجابة للدعوى المرفوعة منهم ضده،

وقال" هكذا انت تبتز من تريد وتتهكم على من تريد وتسب من تريد، وفقا لإرادة من يدفعك ويحركك عن بعد بالريمونت كنترول وهذا أمر معروف ولا نقاش فيه".

وانقسمت القيادات الحوثية إلى مؤيد ومعارض للهجمة الشرسة التي شنها القيادي القحوم على البوق العماد، والتي يراد منها استهداف القيادات التي تموله، وهي القيادي محمد الحوثي والقيادي احمد حامد ومهدي المشاط.

 

صراعات متعددة

 

الصراعات الداخلية امتدت إلى تبني مطالب ثورية، حيث أعلن القيادي المدعو، صادق أبو شوارب، إضرابه عن الطعام نيابة عمن سماهم بـ"الجوعى وذوي المظالم والحقوق، في مقدمتهم الموظفون المحرومون من رواتبهم". وهو ما قاد هجوماً عليه من قبل ناشطي الجماعة على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي حسابه على موقع «إكس»، أعلن أبو شوارب تنفيذ إضراب عن الطعام لمدة 24 ساعة، تمهيداً لتنفيذ إضراب مفتوح عن الطعام للضغط على جماعته بإجراء ما تسمى بـ"التغييرات الجذرية".

وقال أبو شوارب إنه اختار الإضراب عن الطعام عوضاً عن الدماء أو الصمت على معاناة اليمنيين، ووقوف ما سماه "رأس الدولة"، حجر عثرة أمام كل المحاولات السابقة الرامية للإصلاح، الأمر الذي عمق معاناة اليمنيين. في إشارة منه إلى مهدي المشاط رئيس المجلس الانقلابي.

وفي تعليقات لهم، هاجم ناشطون حوثيون القيادي بجماعتهم صادق أبو شوارب، والذي يشغل عضوية ما تسمى بـ" اللجنة الثورية العليا"، متهمين إياه بالتواطؤ مع الأكاديميين المعلمين والموظفين، والعمل ضمن ما أسموه" المخطط الأميركي" الذي يستهدف الجماعة تحت مسمى "الرواتب" وفق زعمهم.

وهذه التهمة سبق أن اتهم بها قادة انقلابيون رئيس جناح حزب المؤتمر الشعبي في صنعاء الموالي لهم صادق أمين أبو راس، على خلفية انحيازه إلى مطالب الموظفين والمطالبة بصرف الرواتب.

وسخر النشطاء والمغردون الحوثيون من إعلان القيادي في جماعتهم الإضراب عن الطعام؛ احتجاجاً على تدهور أوضاع اليمنيين في مناطق سيطرتهم.

واتهم ناشط حوثي يدعى، أبو علي، صادق أبو شوارب بالسعي للحصول على منصب رفيع بسلطة الانقلاب. وخاطبه مغرد حوثي آخر لترك ما وصفه بـ«الكلام الفاضي»، داعياً إياه للتحرك مع من حوله إلى جبهات القتال.

وفي تعليقات أخرى لمغردين يمنيين، وصف أحدهم إضراب القيادي الحوثي عن الطعام بالخطوة غير الجديدة، لكون ملايين اليمنيين مضربين عن الطعام إجبارياً منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، حيث باتت أُسر يمنية تتناول وجبة طعام واحدة في اليوم.

وقال مغرد آخر رداً على إضراب أبو شوارب،: «لو تضربون عن الطعام حتى يصبح جلدكم فوق العظم لا أحد يلتفت لكم، هذا أنتم تضربون عن الطعام بشكل طوعي، فما بالكم بعشرات الآلاف إن لم يكونوا مئات الآلاف الذين لا يجدون ما يسد رمقهم ورمق أطفالهم ولا أحد يلقي لهم بالاً».

وذكّر مغرد يمني يدعى "علي حبش" القيادي الحوثي أبو شوارب، بخطاب له في مدينة عمران كان هدد فيه حينها قبل الانقلاب الحكومة اليمنية، مطالباً بإسقاط الزيادة في سعر الوقود أو الزحف الثوري إلى صنعاء.

سبق للقيادي الحوثي أبو شوارب أن هاجم القيادي في الجماعة مهدي المشاط رئيس المجلس الانقلابي، رداً على خطاب ألقاه الأخير في محافظة عمران وهاجم فيه كل المطالبين بدفع الرواتب.

وقال أبو شوارب إن محافظة عمران «لا تقبل الكذب ولا تجامل الكذابين»؛ في إشارة إلى خطاب المشاط، الذي اتهم اليمنيين بالعمالة والسعي وراء المخططات المستهدفة للميليشيات.

واستمراراً للصراع الحوثي البيني وتعالي الأصوات اليمنية المنددة بفساد الانقلابيين، سبق أن حذر القيادي في الجماعة صادق أبو شوارب جماعته من ثورة شعبية عارمة قد تقتلعهم من جذورها، داعياً إياهم لاستباقها بتقديم استقالاتهم.

وشن أبو شوارب هجوماً ضد رئيس وأعضاء مجلس الحكم الانقلابي في صنعاء، متهماً إياهم بالتنصل من الاستجابة لسد جوع الناس رغم السبل المتاحة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى