جماعة الحوثي تجند السكان لمراقبة بعضهم بعضاً..جهاز استخباراتي حوثي يُحوِّل المجتمع إلى شبكة تجسس
جماعة الحوثي تجند السكان لمراقبة بعضهم بعضاً..جهاز استخباراتي حوثي يُحوِّل المجتمع إلى شبكة تجسس

صنعاء -
اتهم تقرير حديث، أصدره مركز متابعة الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن، الحوثيين باستخدام جهاز استخبارات الشرطة الذي استحدثته الجماعة أخيراً في إدارة عمليات الابتزاز والجريمة المنظمة لإحكام القبضة على المجتمع من خلال تجنيد السكان للتجسس على بعضهم البعض.
ويذكر التقرير، الذي يحمل عنوان «الإرهاب وقمع المجتمع»، أن الجماعة تستخدم أساليب قمعية ممنهجة لتوسيع سيطرتها، وبيّن أن تأسيس جهاز استخبارات الشرطة، والذي يقوده حالياً علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، يعود في الأساس إلى مدير المباحث الجنائية السابق سلطان زابن المدرج على قائمة العقوبات الدولية، ومدير إدارة الحرب الناعمة في وزارة الداخلية الحوثية فضل ستين.

وبحسب معدي التقرير، فإن هذا الجهاز الاستخباراتي يكرّس السيطرة والاختراق المجتمعي، حيث انتهجت الجماعة الحوثية منذ اجتياحها صنعاء سياسة مدروسة لاختراق المجتمع من خلال التوسع في تجنيد عملاء داخل الأحياء السكنية والتجمعات، بمن فيهم مسؤولو الحارات والمؤثرون الاجتماعيون، وتحويل هؤلاء إلى شبكة استخباراتية واسعة تخدم أهدافها.
وطبقاً لما أورده التقرير، فإن وزير داخلية الجماعة عبد الكريم الحوثي استحدث في عام 2019 هذا الجهاز تحت مسمى «الشرطة المجتمعية»، وأوكلت إليه مهمة جمع المعلومات، وتقديم تقارير مستمرة حول تحركات الأفراد في الأحياء والمنازل والتجمعات، معتمداً على عناصر مدنية مجندة.

ووصف هذا الجهاز القمعي بأنه يشكل تهديداً خطيراً على النسيج الاجتماعي، إذ يعمل على تدمير الثقة بين الأفراد داخل المجتمع من خلال تجنيدهم للتجسس على بعضهم البعض، إلى جانب تكريس الفساد، والابتزاز، وانتهاك الخصوصية.
استغلال وتجنيد
يذكر التقرير أن الجماعة الحوثية اتبعت أساليب ممنهجة في استغلال الفئات المختلفة داخل المجتمع، بمن في ذلك الإعلاميون والسياسيون والنشطاء والمؤثرون الاجتماعيون، عبر وسائل متعددة، من ضمنها استغلال النساء في عمليات الابتزاز. وعُدّت وفاة سلطان زابن في ظروف غامضة ضربة قاصمة لهذا الجهاز، لأنه لعب دوراً محورياً في تأسيس التشكيل المخابراتي النسائي المعروف باسم «الزينبيات»، والذي استخدم في عمليات القمع، والاستدراج، والتجسس لصالح الجماعة.
وبعد مقتل زابن، يذكر معدو التقرير أن الجماعة واجهت فراغاً في إدارة هذا الملف الحساس، مما دفعها إلى تكليف فضل ستين، المعروف بـ«أبو محفوظ»، بقيادة هذا الجهاز الذي يضم عناصر عقائدية متشددة تنفذ أوامر الجماعة دون تردد، ولو على حساب «أعراض وحقوق الآخرين»، وتحت مسمى «إدارة الحرب الناعمة»، وهي الأداة التي تستخدم لترهيب المجتمع.

ووفق ما أورده التقرير، فإن القيادي فضل ستين من مواليد عام 1985 في مديرية مجز بمحافظة صعدة، وعمل عقب الانقلاب في منصب نائب المفتش العام في وزارة الداخلية، ورفض بعد ذلك عرضاً لتولي منصب خارجي، وفضّل العمل في الداخل، إذ عرفت عنه الطاعة المطلقة لقادته بأي وسيلة، واستعداده لتنفيذ أوامرهم مهما كانت.
وأفاد التقرير بأن ستين عمل لمدة سنتين على إعداد فريق متكامل يتألف من عناصر متخصصة في المتابعة، والتحقيق، والتنفيذ، بالإضافة إلى فرق نسائية، وعناصر مذهبية شديدة الولاء لقيادة الجماعة، ويقع مقرها في شارع المطار، بالقرب من منزله في حي الجراف بجوار جامع «الحشوش». ويشرف على قوة المداهمات القيادي الحوثي علي مداعس، بينما تتولى القيادية ابتسام المحطوري الإشراف على الفريق النسائي.
وطبقاً لما جاء في التقرير، تعمل هذه الإدارة على مراقبة وملاحقة ما تسمى بـ«الحرب الناعمة»، عبر ابتزاز المستهدفين، وتجنيدهم قسراً.
خطر مجتمعي
نبّه معدو التقرير إلى أن وجود هذا الجهاز يشكل تهديداً خطيراً على المجتمع اليمني، حيث يعمل على تجنيد الأشخاص للتجسس على جيرانهم، وأفراد أسرهم، مستغلاً الظروف الاقتصادية التي يعيشها السكان في تلك المناطق نتيجة الحرب وقطع المرتبات منذ ثمانية أعوام.
وحذر معدو التقرير من استغلال المسؤولين والمتطوعين في الجهاز الأمني مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية، مثل الابتزاز، والمحسوبية، وملاحقة خصومهم، كما يمكنهم التلاعب بعمليات جمع ومراقبة المعلومات والبيانات لخدمة مصالحهم الخاصة، إلى جانب الاعتقالات التعسفية والمضايقات، واستهداف الأفراد بسبب انتماءاتهم السياسية أو الطائفية، مما سيشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ووفق ما خلص إليه التقرير، فإن الجهاز يقوم بجمع بيانات شخصية حساسة عن الأفراد قد تُستخدم لأغراض قمعية، وهذا يشكل خطراً كبيراً على سلامة الأفراد، وحرياتهم، كما حدث في حملات الاعتقالات الأخيرة التي استهدفت الناشطين، والصحافيين، وحتى الشخصيات الاجتماعية لمجرد الاشتباه في أنها تخطط للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن.