أخبار إيجاز

مع سقوط الأسد.. محور إيران يتفكك وحلفاء طهران في المنطقة ضعفاء وعلى وشك الانهيار

مع سقوط الأسد.. محور إيران يتفكك وحلفاء طهران في المنطقة ضعفاء وعلى وشك الانهيار

اليمن -

قد يعيد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا ترتيب الأوراق الجيوسياسية من جديد في الشرق الأوسط. فمع تفكيك "محور المقاومة"، وجدت إيران نفسها معزولة دوليا أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يرغمها على إعادة النظر في سياستها الأمنية وتدخلاتها في المنطقة.

إيران كانت تعتبر الحليف الرئيسي لبشار الأسد، أما الآن فلقد تناثرت جميع أوراقها وتراجع نفوذها بشكل مذهل بعدما قل كثيرا تأثيرها في المنطقة، إذ شكلت الصور التي تظهر سفارة طهران في دمشق وهي تتعرض إلى النهب من قبل مجموعة من المعارضين السوريين بعد الهجوم الذي شنوه على العاصمة دمشق الأحد، منعرجا سياسيا جديدا ونقطة تحول مهمة.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها، إن محور إيران يتفكك مع سقوط نظام الأسد، حيث أصبح حلفاء طهران الرئيسيون في المنطقة ضعفاء أو على وشك الانهيار، فقد فر الرئيس السوري بشار الأسد من بلاده، وتعرض حزب الله لضربة شديدة بسبب الصراع مع إسرائيل.

وأوضحت أن إضعاف حزب الله من شأنه أن يتردد صداه إلى ما هو أبعد من لبنان. فقد أرسلت المنظمة مقاتلين لمساعدة السيد الأسد خلال الحرب الأهلية السورية وساعدت في تدريب مجموعات أخرى مدعومة من إيران، بما في ذلك المقاتلين الحوثيين من اليمن.

لا ينبغي التنازل عن العراق واليمن

ومع ضعف النفوذ الإقليمي لإيران، يوضح أستاذ دراسات الشرق الأوسط ستيفن هايدمان أن الحوثيين قد يصبحون أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية، أو قد تتحول إيران نحو نهج دبلوماسي، وتحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي من شأنه أن يقلل من دور الحوثيين في استراتيجية إيران.

ويقول -وفق ما نقل عنه تحليل نشرته صحيفة العربي الجديد اللندنية بنسختها الانجليزيه-، إنه "مع إضعاف قدرة إيران على الردع، فإنها قد تبدأ في إعادة التفكير في استراتيجيتها الإقليمية، و"تستنتج في النهاية أن خيارها الأفضل ربما يكون السعي إلى امتلاك الأسلحة النووية كرادع".

وبرغم أنه لايزال من غير الواضح كيف سيستجيب القادة الإيرانيون لتحديات سقوط الأسد وضعف حزب الله اللبناني في الأمد البعيد، يرجح مقال نشره معهد' اميركان انتربرايز' الأمريكي للكاتب نيكولاس كارل أنهم سيعطون الأولوية في الأمد القريب لتحويل مركز ثقل محور المقاومة شرقاً إلى العراق واليمن.

وبحسب المقال، فإن إيران تعتمد الآن أكثر من أي وقت مضى على قدرة وكلائها وشركائها على ردع الولايات المتحدة وإسرائيل. ومن المرجح أن تقضي إيران الأشهر والسنوات المقبلة في محاولة تعميق سيطرتها على هذه الجماعات وتزويدها بقدرات هجومية متقدمة على نحو متزايد.

ومن المرجح أيضاً أن تستكشف إيران كيفية منع الجهود الرامية إلى إزاحة وكلائها وشركائها من العراق واليمن. ومن المؤكد تقريباً أن القادة الإيرانيين تعلموا من تجاربهم في مشاهدة زحف تنظيم الدولة الإسلامية نحو الموصل في يونيو/حزيران 2014 وزحف قوات المعارضة السورية نحو دمشق مؤخراً أنهم لابد أن يحافظوا على أمن وكلائهم وشركائهم في الداخل.

ورأى الكاتب بأن الولايات المتحدة لابد وأن تستغل ضعف إيران الحالي لدفع محور المقاومة في العراق واليمن إلى الوراء. وهذا من شأنه أن يشمل زيادة الدعم لقادة العراق الذين يرغبون في رؤية بلادهم مستقلة عن النفوذ والتخريب الإيرانيين، وليس التخلي عنهم. كما يشمل تدمير رغبة الحوثيين في مواصلة الهجمات على الشحن الدولي بدلاً من شن غارات جوية متقطعة على قدراتهم.

ومن ناحية أخرى، يحذر الكاتب من أن التنازل عن العراق واليمن من شأنه أن يمنح لإيران ومحور المقاومة التابع لها المساحة والوقت اللازمين للتعافي. وربما تكون طهران وحلفاؤها قد انهارتا. لكن ينبغي للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في المنطقة أن تستغل الزخم الإيجابي الناجم عن سقوط الأسد.

ورأى تحليل لمعهد الشرق الأوسط الأمريكي، أن سقوط بشار الأسد، من شأنه أن يزعزع التوازن الجيوسياسي في الشرق الأوسط، لافتا إلى أنه على المستوى الإقليمي، تشكل هذه ضربة قوية أخرى لإيران بعد قطع رأس حزب الله في لبنان وإضعافه.

حيث كان نظام الأسد في سوريا حليفاً لإيران منذ ثمانينيات القرن العشرين وكان بمثابة جسر وشريك ضروري في بناء ودعم الجماعة المسلحة اللبنانية. ومع سقوط الأسد، لا تخسر إيران وجودها الاستراتيجي في سوريا فحسب، بل تفقد أيضاً قدرتها على دعم وكيل مسلح بشكل كبير في لبنان المجاور.

وبحسب التحليل من المهم مراقبة كيف ستتعامل إيران مع هذه الخسارة الأخيرة. فمن ناحية، قد تواصل طهران استراتيجيتها الفاشلة المتمثلة في دعم الميليشيات في العراق واليمن؛ ومن ناحية أخرى، تشير إلى أنها منفتحة على نهج جديد، بما في ذلك التفاوض مع القوى الإقليمية والإدارة القادمة للرئيس المنتخب دونالد ترامب. حيث تعمل دول الخليج وتركيا على إقناع إيران بالسير في الاتجاه الثاني.

محور المقاومة لم يعد موجودا

وخلال سنوات عديدة، استخدمت إيران سوريا كمعبر لإيصال معدات لوجستية وأسلحة لحزب الله في لبنان ما جعلها تحافظ على "محور المقاومة" وتمتلك إمكانيات ردع أمنية خارج حدودها الجغرافية، أما الأن فلقد تناثرت جميع أوراقها وتراجع نفوذها بشكل مذهل بعدما قل كثيرا تأثيرها في المنطقة.

ويقول جوناثان بيرو، مؤرخ ومتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد "إيتوبيا" ببروكسل لفرانس 24، إن "المنصة التي كانت تمثلها سوريا والتي كانت تسمح لإيران أن تصل إلى البحر الأبيض المتوسط، انهارت ولم تعد موجودة".

وأضاف: "محور المقاومة كما كنا نعرفه لم يعد موجودا. نفس الشيء أيضا بالنسبة لحزب الله الذي اختفى بعدما تلاشت قوته كاملة جراء التدخل الإسرائيلي في لبنان. حتى سوريا بشار الأسد لم تعد موجودة الآن".

وتابع: "غالبية القوى التي كانت تشكل محور المقاومة لم تعد موجودة. الحوثيون؟ هم أيضا بعيدون عن طهران ولديهم أجنداتهم الخاصة. أما المليشيات العراقية، فلقد رفضت التدخل في سوريا لمساعدة بشار الأسد".

وإلى ذلك، اعتبر دافيد ريغوليه روز، رئيس تحرير مجلة " الشرق الاستراتيجي" وباحث مشارك في معهد البحوث الدولية والاستراتيجية بباريس أن انفجار "محور المقاومة" هي إحدى العواقب المباشرة لهجمات 7 أكتوبر 2023 والاستراتيجية الإسرائيلية".

وأوضح، أنه إذا كان نظام بشار قد سقط، فهذا أيضا بسبب ضعف إيران وشركائها وفي مقدمتهم حزب الله. فعادة ما يكون حزب الله هو الذي يقاتل للدفاع عن المصالح الإيرانية ولحماية بشار الأسد.

وأضاف:" لكن حزب الله اضطر إلى إعادة الكثير من مقاتليه إلى لبنان لمواجهة إسرائيل ليبقى الأسد كملك عار. وما زاد من مشكلاته، عدم قدرة روسيا على إنقاذه بسبب الحرب التي تخوضها في أوكرانيا".

وأنهى جوناثان بيرو، "وجدت إيران نفسها اليوم في حالة ضعف غير مسبوقة. الطوق الأمني الذي فرضته حول نفسها سابقا بدأ يتلاشى ويتآكل على مستوى حدودها. ستكون طهران مجبرة على أن تعيد النظر في سياستها الأمنية. وفي هذه الظروف قد تعجل بصناعة السلاح النووي لكي تحمي أراضيها وتضمن بقاء واستمرارية نظامها".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى