"مسقط" أول مفاوضات علنية بين الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي
"مسقط" أول مفاوضات علنية بين الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي
انطلقت في العاصمة العمانية مسقط، اليوم الأحد، مفاوضات جديدة بين الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي بشأن الأسرى والمختطفين برعاية مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتعد هذه الجولة من المفاوضات هي الأولى التي تستضيفها مسقط بشكل علني، منذ اندلاع الحرب في اليمن. ويضم اللقاء إلى جانب ممثلي الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي؛ ممثلين عن التحالف العربي بقيادة السعودية.
وكانت صحيفة عكاظ السعودية تحدثت قبل أيام، عن أن مفاوضات مسقط تشمل، "الملف الاقتصادي" ايضا، وذلك عقب قرارات حكومية اقتصادية اتخذها البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، وهي قرارات اعتبرها عبدالملك الحوثي بمثابة إعلان حرب من السعودية.
لماذا استضافت مسقط المفاوضات؟
جاء انعقاد المفاوضات بين الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي، بعد زيارة وفدين عمانيين إلى عدن والرياض في الأيام القليلة الماضية، وفق مصادر مطلعة تحدثت لـ"يمن شباب نت".
وتعمل سلطنة عمان التي تعد حليفا رئيسا لإيران وتستضيف قيادات مليشيا الحوثي منذ بداية تدخل التحالف العربي، على وساطات سرية بين الأطراف.
وكانت اهتماماتها تركز على مفاوضات الأطراف الإقليمية والدولية أكثر من الجانب المحلي بشقه الحكومي، خاصة بين الحوثي والسعودية، أو بين السعودية وإيران، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإيران.
وفق صحيفة عكاظ السعودية فإن المفاوضات هي نتيجة لجهود سعودية عمانية سبقتها نجاح تلك الجهود بفتح طريقي الحوبان تعز للمسافرين دون الشاحنات التجارية، وطريق البيضاء مأرب خلال الأسابيع الماضية، لكن المفاوضات في مسقط برعاية أممية.
كما يشير استضافة مسقط للمفاوضات إلى أن الحوثي والسلطنة خلفهم من طلب المفاوضات، قبل انتهاء مهلة سحب العملة التي أعلنها البنك المركزي مطلع يونيو، وتنتهي في الأسابيع المقبلة، وتفاديا لأزمة اقتصادية لم يستطع الحوثي تجاوزها مقارنة بالسابق حين كان يعتمد على القوى الكبرى والإقليمية لإجبار الحكومة على التراجع عن قراراتها المشابهة.
الظروف المحيطة
تجمدت خريطة الطريق التي كان أعلن عنها المبعوث الأممي هانز غروندبيرغ، في ديسمبر وجاءت نتيجة مفاوضات بين السعودية والحوثي بدعم أمريكي، بعيدا عن المبعوث الأممي الذي اقتصر دوره حينها على الإعلان عن مضامين الخريطة.
وقال السفير الأمريكي لدى اليمن في وقت سابق نهاية مايو الماضي، إن الحكومة اليمنية لن توقع اتفاقية سلام يكون للحوثيين الكعب الأعلى، من خلال استمرار حصولهم على الأسلحة، والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، هذا الأمر مستحيل، لن نستطيع تحقيق سلام حقيقي بهذه المعادلة".
وأضاف، أن "خريطة السلام التي قدمتها المملكة العربية السعودية للأمم المتحدة ليست اتفاقية بما تعنيه الكلمة الأولى في طريق طويل للوصول للحل".
وعن أهمية تلك الخريطة التي كانت تحظى بدعم واشنطن قال السفير الأمريكي "هذه الخريطة اذا ما كنا واقعيين لن تكون قابلة للتطبيق على المدى القريب، بالنظر لنوايا الحوثي ودوافعه، وبالنظر أيضا لتعقيدات هذا الصراع ،لذلك يجب علينا عدم التسرع، وكذلك ان لا نبنى احتمالات غير واقعية".
وتصاعدت الهجمات الحوثية على السفن حيث أدت إلى إغراق سفينتين حتى الآن، وتشير التقارير إلى أن سفينتين أخرتين مهددتان بالغرق أيضا.
كما طور الحوثيون هجمات مشتركة مع مليشيات عراقية تابعة لإيران تضيف بعدا جديدا للصراع، كما أن تقارير تتحدث عن بدء علاقات مهمة بين مليشيات الحوثيين وحركة الشباب الصومالية المصنفة إرهابيا، وحركة تهريب بينهما للسلاح.
الواقع المحلي
محليا فشلت الهجمات الحوثية البحرية بمزاعم نصرة غزة في كبح جماح الغضب الشعبي المتصاعد ضدها منذ الهدنة المطالب بالرواتب وتحسن الخدمات والرافض للمساس بالنظام الجمهوري، والناقم بشدة من كثافة الجبايات والضرائب الحوثية دون خدمات.
بالإضافة إلى استمرار قطع المرتبات والطرقات، والعملة الجديدة، وغيرها من أوجه الانهيار الاقتصادي في ظل فشل حوثي ذريع في إدارة الشأن المحلي، مع بروز ظاهرة عمليات المقاومة الفردية ضد الحوثيين بالسلاح في عدة محافظات، بالإضافة إلى التظاهرات المناهضة لهم والإضرابات العامة.
وبينما كان قادة الحوثيين يقولون مطلع مارس الماضي إن المطالبة بفتح الطرقات جاء بإيعاز أمريكي لفتح جبهة داخلية ضدهم، كما في تصريحات حسين العزي ومحمد البخيتي ومحمد علي الحوثي، أجبرتهم الضغوط المحلية التي شنها آلاف اليمنيين على وسائل التواصل الاجتماعي وتجسدت في شكل مبادرات اجتماعية لفتح الطرقات كمبادرة الرايات البيض، ومبادرة الدكتور حمود العودي إلى التراجع عن ذلك الخطاب.
بل إنهم قبلوا فعلا مرغمين على فتح طريق ثانوي يربط بين البيضاء ومأرب، وفتح طريق رئيس بين الحوبان ومدينة تعز عند جولة القصر بدوام جزئي، للمسافرين فقط، دون الشاحنات التجارية.
على المستوى الرسمي اتخذت الحكومة سلسلة من القرارات عبر البنك المركزي شملت إجبار البنوك على نقل مقراتها الرئيسة إلى عدن، ومعاقبة بنوك عجزت عن الامتثال للقرار، كما شملت توجها حكوميا يهدف إلى إلغاء العملة القديمة على ما يبدو، وأيضا إلغاء كل شبكات الحوالات المالية وحصرها فقط على الشبكة الموحدة، ونقل سلسلة من المؤسسات الإيرادية إلى عدن.
إلى أين يمكن أن تصل مفاوضات مسقط؟
حقق الطرفان فيما يخص تبادل الأسرى والمختطفين أكثر من عملية تبادل، سواء بوساطة أممية أو وساطات محلية، وتصر الحكومة في مفاوضاتها الأخيرة على أن يكون القيادي السياسي محمد قحطان أحد مخرجات المفاوضات الجارية.
وقال رئيس الوفد الحكومي، العميد يحيى كزمان في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، إن مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، يتعاملون بكل مسؤولية والتزام وجدية مع هذا الملف الإنساني والعمل على إطلاق سراح الجميع على قاعدة الكل مقابل الكل.
وأضاف، أن ملف محمد قحطان يعتبر عائقاً أساسياً يجب حل موضوعه ومن ثم الانتقال إلى إجراء أشمل وإغلاق هذا الملف الإنساني بإخراج كافة المحتجزين والمختطفين لدى جميع الأطراف دون استثناء.
وأكد كزمان، على أن "التقدم في هذا الملف مرهون بكشف مصير ومبادلة الأستاذ محمد قحطان بعد إخفائه لمدة تسع سنوات دون السماح له بالتواصل مع أسرته أو بزيارتهم".
ويرفض الحوثيون الكشف عن أي معلومات عنه منذ خطفه من منزله في صنعاء أبريل2015. ولكن يمكن أن يشهد الملف بقحطان أو بدونه تقدما استنادا إلى تجارب ماضية.
وبينما كانت مليشيا الحوثي تصر طيلة مفاوضات السنوات الماضية على أن معالجة الملف الاقتصادي يعد جزءا ضمن الملف الإنساني، بدا أن القرارات الحكومية الأخيرة، أدت إلى حصر الملف الإنساني على تبادل الأسرى والمختطفين، وفصل الاقتصاد عنه.
وهو ما يعني تحسن الموقف الحكومي أمام الحوثيين، لبدء عملية تفاوضية قد تؤدي أيضا إلى تجاوز مطالب المليشيا التي تشترط 80% من إيرادات النفط والغاز مقابل سماح الحوثيين بإعادة التصدير وفقا لموازنة الدولة 2014، حتى الآن على الأقل.