"قرارات الإعدام الحوثية".. ترهيب لأسر المختطفين والمدافعين عن حقوق الإنسان
"قرارات الإعدام الحوثية".. ترهيب لأسر المختطفين والمدافعين عن حقوق الإنسان
تترقب عائلة الناشطة الحقوقية "فاطمة العرولي" بقلق بالغ مصير ابنتها المختطفة في السجون الحوثية منذ نحو عام ونصف، وتواجه حكما بالإعدام أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة التابعة لميلشيات الحوثي.
"فاطمة العرولي" خبيرة في حقوق الإنسان، ورئيس مكتب اليمن لاتحاد قيادات المرأة التابع لجامعة الدول العربية، رئيسة منظمة الموائل للتنمية الحقوقية، اختطفتها مليشيا الحوثي في 14 أغسطس/ آب 2022، بنقطة الحوبان شرق مدينة تعز، بينما كانت في طريقها إلى مدينة عدن.
بعد عام على اختطافها ومنع الزيارة عنها احالت مليشيا الحوثي العرولي الى المحاكمة أمام المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بتهمة "التخابر مع العدوان"، وبعد نحو خمسة أشهر أصدرت المحكمة في الخامس من ديسمبر الماضي قرارا قضى " بالإعدام تعزيراً" بحق الناشطة العرولي.
وادانت المحكمة الحوثية "العرولي" بـ"التخابر مع دولة الإمارات"، المشاركة في تحالف دعم الشرعية، وإمدادها بالمعلومات والإحداثيات عن مواقع الجماعة، ومنشآت تصنيع الأسلحة، وتجنيد أشخاص لمراقبة تحركات قواتها في محافظة مأرب، وفق ما نقلت وكالة فرانس عن وثيقة اطلعت عليها.
إرهاب أُسر المختطفين
وفي 18 يناير الحالي، كشفت أسرة الناشطة "العرولي" عن تلقيها اتصال من مسؤول حوثي مجهول، يبلغهم عن موعد تنفيذ الإعدام بحق ابنتهم. وهو ما أثار مخاوف الناشطين من ان يكون التهديد جاد، قبل أن تنفي مصادر حوثية، تحديد موعد بتنفيذ الحُكم، الذي ما زال سارياً.
وأثار التهديد الحوثي المجهول، سخط واسع في الوسط الحقوقي واعتبره ناشطون توجه حوثي يهدد حياة المدافعين عن حقوق الإنسان، وقالت الناشطة الحقوقية والمحامية هدى الصراري "إن مُرر قتل فاطمة فهو وصمة عار في جبين كل المنظمات والهيئات الدولية الانسانية والدول الراعية للسلام في اليمن".
وأكدت في تغريدة لها على منصة "اكس" أن العرولي خضعت لمحاكمة جائرة لم يضمن لها اي دفاع قانوني، او وصول للعدالة، عوضا عن ظروف التعذيب والاحتجاز اللاإنساني".
وكان تقرير خبراء الأمم المتحدة الأخير قد أكد أن الحوثي يختطف النساء لأسباب متعددة منها نشاطهن في مجال حقوق الإنسان، ومشاركتهن في منظمات المجتمع المدني، مشيرا إلى المحاكمة التي تتعرض لها الناشطة الحقوقية فاطمة العرولي منذ أغسطس ٢٠٢٣ بتهمة "التخابر مع العدوان".
واعتبرت منظمة العفو الدولية ان قضية الناشطة "العرولي" تعد تذكيرًا صارخًا آخر بكيفية استغلال الحوثيين للمحكمة الجزائية المتخصصة كأداة للقمع فيما يشكّل استهزاء بالعدال". وكشفت في بيان نشرته في سبتمبر 2023 أنها تعيش "في أوضاع مروعة في غرفة تحت الأرض وتُحرم من الزيارات العائلية".
تستخدم ميلشيات الحوثي احكام الإعدام كإرهاب لأسر المختطفين والمختطفات بسجونها، وسبق أن أصدرت أحكام بحق عدد من الصحافيين الذين كانوا مختطفين لديها، وبعد ضغوط وصفقة تبادل تم الافراج عنهم.
وسبق وأصدرت "الحوثية" قرارا بإعدام الناشطة أسماء العميسي، والمحتجزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول 2016، كما أصدرت قرارات اعدام بحق الناشطة زعفران زايد رئيس منظمة تمكين، وحنان الشاحذي وإلطاف المطري، ووجهت لهن التهمة ذاتها "التخابر مع العدوان"، وبحسب تقارير حقوقية فإن عدد النساء المختطفات في معتقلات الحوثي بلغ نحو 1700 امرأة، منهن حقوقيات واعلاميات وناشطات.
وبحسب مصدر حقوقي تحدث لـ"يمن شباب نت" فإن مليشيا الحوثي أصدرت وعبر المحكمة الجزائية في أمانة العاصمة صنعاء 41 قرار اعدام بحق مختطفين مدنيين في سجون الجماعة بصنعاء.
ويؤكد خبراء الأمم المتحدة في تقريرهم الأخير، أن الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين في صنعاء أو الصادرة عن المحاكم الاخرى أنها فتاوى ذات وزن قضائي، بالإضافة إلى الوزن الديني، الذي يمكن أن تكون له آثار كبيرة طويلة الأجل على الأشخاص المدانين، لا سيما فيما يتعلق بسلامتهم عند إطلاق سراحهم.
أحكام سياسية لا قيمة لها
وقال المستشار القانوني والمحامي "فهد الوصابي "إن مليشيا الحوثي حولت حياة المدافعين عن حقوق الإنسان الى جحيم خصوصا النساء العاملات في هذا الجانب، واستخدمت القضاء للتغطية على جرائمها".
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن الأحكام التي تصدرها المحكمة الجزائية في أمانة العاصمة "منعدمة الولاية القضائية" هي قرارات مسيسة ومنعدمة، ولا قيمه قانونية لها، تستهدف الحقوقيين والناشطين وكل المدافعين عن حقوق الإنسان".
وأوضح "المحكمة ذاتها بعد قرار مجلس القضاء الأعلى بعدن والذي قضى بنقل اختصاصها الى المحكمة الجزائية المتخصصة في مأرب أصبحت بدون أي ولاية قضائية أو حتى صفة رسمية وكل ما تصدره من أحكام أو قرارات منعدمة ويتحمل القائمون عليها المسؤولية القانونية بأشخاصهم عن كافة الأضرار والجرائم التي يتعرض لها كل من صدرت تلك القرارات ضدهم".
واعتبر الوصابي، "أحكام الإعدام التي تصدرها الجزائية المتخصصة بصنعاء "دليل على العبث الحوثي بالقضاء واستخدامه خلافا للدستور والقانون وانعدام العدالة وإهدار وظيفة القضاء في حماية الناس وأموالهم"
وأشار، إلى "قرار أصدرته المحكمة وقضى بإعدام تسعة مختطفين تم الإفراج عنهم في صفقات تبادل محلية بين الحكومة والحوثيين، بينهم الشاب "جميل حسن حسين دايل"، وهو شاب من أبناء محافظة صعدة، مديرية "مجز" اختطفته المليشيا من أحد شوارع صنعاء في أغسطس 2015، دونما تهمة، واستمر في السجن حتى مطلع العام 2018، وعقب خروجه بثلاثة أعوام توفي جميل، والاسبوع الفائت نتفاجأ أن المحكمة ذاتها تصدر قرارا قضى بإعدامه".
ودعت شبكة التضامن النسوي في اليمن، الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي وكذلك الدول ذات النفوذ في اليمن والمنظمات الدولية، إلى الضغط على الحوثيين.
وطالبت في بيان الاثنين 29 يناير/ كانون ثاني، "وقف استخدام عقوبة الإعدام ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وخاصة النساء، والتوقف فورا عن كافة عمليات الإعدام خارج القانون أو بإجراءات موجزة أو تعسفًا.
وأكد البيان على "الوقف التام للانتهاكات المتعلقة بالاختفاء القسري وإطلاق سراح جميع المسجونين بتهم تعسفية أو كيدية"، ودعا لإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق المدافعة عن حقوق الإنسان فاطمة صالح العرولي، وإطلاق سراحها ووقف التهديدات التي تتلقاها أسرتها".