تقارير غربية: الضربات الأميركية ضد الحوثيين تفتقر للاستراتيجية والطريقة الوحيدة لإخضاعهم هي دعم حملة برية
تقارير غربية: الضربات الأميركية ضد الحوثيين تفتقر للاستراتيجية والطريقة الوحيدة لإخضاعهم هي دعم حملة برية

اليمن -
انتقدت تقارير غربية ما وصفته بغياب "الإستراتيجية الواضحة" للولايات المتحدة الأمريكية التي تكثف قصفها الجوي على الحوثيين، واصفة السياسة الأمريكية في اليمن بأنها الأسوأ، حيث ترى أن الطريقة الوحيدة لإخضاع الجماعة الموالية لإيران هي دعم عملية برية.
وقد قال تحليل لمؤسسة the century البحثية وترجمه "يمن شباب نت"، إن إدارة ترامب تنفذ غارات ولكن بدون استراتيجية، مشيرا إلى أن الحرب الأهلية في اليمن لا يمكن اختزالها في نزاع على ممر ملاحة.
وأكد التحليل ـالذي أعده الكاتبان بيتر سالزبوري و ثاناسيس كامبانيس، أن الطريقة الوحيدة التي يُرجَّح أن تُجبر بها الولايات المتحدة الحوثيين على إبرام الصفقات هي دعم حملة برية أو المشاركة فيها, وهو أمر يبدو مستبعدًا.
وأضاف أنه مع بداية ولاية ترامب الثانية، تجد اليمن نفسها مجددًا في مرمى نيران الرئيس، وإن كان على نطاق أوسع. حيث أمر ترامب بشن حملة قصف واسعة النطاق من النوع الذي أراد شنه ضد داعش، ولكن هذه المرة ضد حركة الحوثي المسلحة التي هاجمت السفن التجارية في البحر الأحمر خلال معظم الأشهر الثمانية عشر الماضية.
وبحسب التحليل فكما تُظهر محادثات سيجنال، يُركز فريق ترامب تركيزًا شديدًا على دفع الحكومات الأجنبية التي قد تستفيد من الحملة الأمريكية لتحمل نفقاتها.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية بذلت قصارى جهدها لمقارنة ضرباتها واسعة النطاق على أهداف الحوثيين بشكل إيجابي مع النهج الأكثر حذرًا لإدارة بايدن، كما أوضحت أن اليمن نفسها بالكاد تدخل في حسابات الإدارة.
ومن خلال تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، وشن غارات جوية، والتهديد بممارسة "أقصى قدر من الضغط" على إيران - والتعهد بمحاسبة إيران على أفعال الحوثيين - تهدف الإدارة إلى خلق نفوذ مع إيران يأمل ترامب أن يؤدي إلى صفقة كبيرة مع طهران.
وتابع: "فبينما كانت الإدارات السابقة تُصوغ التدخلات العسكرية في المقام الأول من منظور المصالح الأمنية أو المخاوف الإنسانية، ينظر فريق ترامب إليها بتركيز واضح على النتيجة النهائية. فهم يريدون من القوى الأوروبية ومصر - التي تستفيد أيضًا من تجارة البحر الأحمر - أن تتحمل تكلفة ما يُرجّح أن تكون مغامرة عسكرية باهظة التكلفة".
إخراج الحوثي من السلطة
وبالمثل فقد قالت مجلة ايكونوميست البريطانية إن أميركا تكثف قصفها للحوثيين لكنها تفتقر إلى استراتيجية واضحة، مؤكدة أنه سيكون من الصعب تأمين البحر الأحمر دون إخراج الجماعة الحوثية المتمردة من السلطة في اليمن.
وأوضحت أن البنتاغون لم يفصح عن الكثير بشأن ما يصفه، لكن مراقبي الشأن اليمني رسموا صورةً متباينة. فبعض الأهداف، مشابهة لتلك التي نفذت في عهد السيد بايدن، حيث كانت مواقع عسكرية: محطات رادار، ومستودعات صواريخ، وما شابه. أما الأهداف الأخرى فهي جديدة.
حيث قصفت أمريكا مرارًا محافظة صعدة، المحافظة الشمالية التي انبثقت منها حركة الحوثيين في التسعينيات (انظر الخريطة). كما استهدفت قادة حوثيين من المستوى المتوسط. يُحصي محمد الباشا، وهو محلل للشؤون اليمنية في واشنطن، ما لا يقل عن 19 ضابطًا قتيلًا برتبة رائد فما فوق.
وقالت المجلة إنه من غير المرجح أن يعلن الحوثيون وقفًا أحاديًا لهجماتهم، حتى في ظل القصف العنيف. فلقد حاربوا لعقود الدولة اليمنية، والتحالف الذي تقوده السعودية، والآن أمريكا وإسرائيل، التي شنّت هي الأخرى ضربات انتقامية في اليمن.
وقد تأمل أمريكا في تدمير ما يكفي من ترسانة الحوثيين بما يمنعهم من شن هجمات. لكن ما دامت الجماعة تسيطر على ساحل اليمن على البحر الأحمر، فسيبدو الأمر تهديدًا: فحتى إطلاق صاروخ من حين لآخر على سفينة عابرة سيُقلق شركات الشحن.
ونقلت ايكونوميست عن ضابط عسكري غربي في المنطقة قولها: "الناس يُقللون من شأن الحوثيين. أشك في أن الكثير من التفكير قد ذهب إلى أي شيء آخر غير حملة جوية".
يأمل مناصرو حملة القصف أن تُعيد فتح البحر الأحمر. إنه هدفٌ جديرٌ بالاهتمام، لكن تحقيقه صعب. يقول مُلاك السفن إنهم غير مطمئنين للضربات الأخيرة. ففي الواقع، أصبح بعضهم الآن أكثر قلقًا بشأن عبور الممر المائي.
حتى أكثر مستشاري السيد ترامب تشددًا لم يُطالبوا بإرسال قوات إلى اليمن. قد يكون الخيار الأنسب، والذي يحظى بالفعل بدعم المملكة العربية السعودية، هو دعم تحالف من القوات المناهضة للحوثيين.
ووفق المجلة، يبدو أن بعض الضربات الأمريكية تهدف إلى مساعدة تلك القوات. فقد قصفت محافظات مثل مأرب والجوف، على أطراف الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث تكون سيطرة الجماعة على السلطة ضعيفة.
كما تضغط أمريكا على حلفائها لمنع تدفق الأسلحة من إيران، التي تدعم الحوثيين. وقد ألمح السيد ترامب إلى أنه قد يوجه ضربة عسكرية لإيران إذا لم تتوقف.مع تصاعد القتال، تزداد المخاطر.
في تلك الدردشة الجماعية سيئة السمعة التي ناقشت خطة المعركة، كان جيه دي فانس، نائب الرئيس، المسؤول الوحيد الذي أبدى قلقه بشأن حلفاء أمريكا. وكتب: "إذا كان هناك ما يمكننا فعله مقدمًا لتقليل المخاطر على منشآت النفط السعودية، فعلينا القيام به".
"يخشى السعوديون من أن يستأنف الحوثيون هجماتهم الصاروخية عبر الحدود. فقد حاولوا لسنوات دون جدوى إزاحة الحوثيين من السلطة، ويخشون ألا يكون وضع أمريكا أفضل حالًا"، وفق المجلة.
استعادة ثقة التجار مهمة فاشلة
بدوره تساءل موقع warontherocks العسكري عما إذا كان نهج القوة الصارمة الأمريكي الأخير في التعامل مع الحوثيين سيعزز ثقة التجار في طريق التجارة، بخلاف إدارة الرئيس بايدن التي رأى بأنها انتصرت تكتيكيًا لكنها فشلت استراتيجيًا في البحر الأحمر.
وأشار مقال تحليلي نشره الموقع وترجمه "يمن شباب نت"، إلى أن البحرية حققت انتصارات تكتيكية شبه كاملة في الدفاع عن النفس، والدفاع عن التجار، والدفاع عن أراضي الحلفاء ضد الحوثيين.
ومع ذلك، يشير الكاتب إلى أنه وإذا اعتبرنا هدف عملية "حارس الرخاء" لاستئناف حركة المرور التجارية عبر شريان عالمي رئيسي دعمًا للنظام الدولي القائم على القواعد، فلا يمكن اعتباره إلا هزيمة استراتيجية.
وقال إن هناك أسباب سياسية داخلية وجيهة تدفع بعض الدول إلى تجنب مهمة أمريكية في الشرق الأوسط. كما توجد أسباب سياسية وجيهة تدفع الولايات المتحدة إلى الاضطلاع بدور قيادي كبير في الدفاع عن التجارة العالمية.
ومع ذلك، نتج عن هذا الانتفاع المجاني اختلال في التوازن، حيث تحملت الولايات المتحدة التكاليف، وحصدت الصناعة الصينية المكاسب، واستفادت الجهات المعنية البحرية الأساسية من أي حركة مرور متبقية تمر تحت الحماية الأمريكية.
وبحسب المقال، ففي حالة عملية حارس الرخاء، اتضح أن غايات إدارة بايدن تتعلق بالديناميكيات التجارية أكثر منها بالأمن الصارم. حيث يبقى أن نرى ما إذا كان نهج القوة الغاشمة الأخير في التعامل مع الحوثيين سيعزز ثقة التجار في طريق التجارة - فردود الفعل الأولية للقطاع لم تتغير.
علاوة على ذلك، يضيف المقال بالقول بأن مجرد استخدام المزيد من القوة لن يكون دائمًا خيارًا مرغوبًا سياسيًا أو استراتيجيًا، لا سيما ضد خصوم أكثر قدرة أو مسلحين نوويًا.
واختتم الكاتب بالقول، إنه "ورغم المنطق الاستراتيجي والفطنة التكتيكية للبحرية، فإن نتائج عملية حارس الرخاء كمشروع سياسي ينبغي الحكم عليها في سياق أوسع. فمقارنةً باستعادة ثقة التجار وحركة المرور في البحر الأحمر، لم تنجح المهمة".