أخبار إيجاز

مهاجمة المنشآت الحيوية في اليمن: إصرار إسرائيلي على الجريمة رغم تحذيرات أممية

مهاجمة المنشآت الحيوية في اليمن: إصرار إسرائيلي على الجريمة رغم تحذيرات أممية

اليمن -

يصر الاحتلال الإسرائيل على خيار استهداف المنشآت الحيوية الوطنية في المناطق الخاضعة للحوثيين باليمن، رغم تحذرت أممية من أن تعطيل عمل مطار صنعاء الدولي أو ميناء الحديدة قد يؤدي إلى شلل العمليات الإنسانية باليمن في ظل تزايد الاحتياجات الاغاثية.

والخميس، شنت إسرائيل غارات جوية شملت مطار صنعاء الدولي (شمال)، وميناء الحديدة (غرب) الخاضعين لسيطرة الحوثيين، فضلا عن منشآت خدمية أخرى بينها محطتا كهرباء "حزيز" بصنعاء، و"رأس كثيب" بالحديدة، ما أسفر عن 6 شهداء و40 مصابا.

ونقل موقع "والا" الإلكتروني، اليوم الأحد، تأكيد مسؤولين في الجيش الإسرائيلي أن مهاجمة المنشآت الحيوية الوطنية في اليمن "هي الخيار الأفضل"؛ إذ إن إنشاء بنك أهداف لاستهداف الحوثيين "يمثل تحدياً كبيراً لإسرائيل، خصوصاً أن القيادة الحوثية تختبئ ولا يمكن تعقبها أو جمع معلومات استخبارية عنها".

أمّا التحدي الآخر، فيتمثل في تشكيل تحالف واسع لشن هجمات مكثّفه لأنه من دون ذلك فإن الحملة العسكرية ضد اليمن "ستكون طويلة"، فيما أوعز رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، بالاستعداد لـ"سيناريوهات متطرفة"، مثل محاولات الحوثيين تنفيذ هجمات من البحر على السفن والشواطئ.

ووفقاً للموقع، فقد انعقدت مؤخراً جلسات مغلقة بين مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، تداول خلالها المجتمعون بالصعوبات التي تواجهها تل أبيب في شن الهجمات على اليمن، مرجحين أن العدوان الإسرائيلي ضد الحوثيين "سيكون أطول مما كانوا يعتقدون".

وذكر أنه بهدف ردع الحوثيين ثمة حاجة إلى عدّة إجراءات، في مقدمتها "تسريع عمليات الاستقصاء وجمع المعلومات من قبل مختلف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عن الحوثيين، وتكوين خبرة معرفية حول اليمن وجماعة الحوثي في المنطقة الجغرافية البعيدة جداً عن حدود إسرائيل".

لامعلومات لدى الإحتلال

وفي هذا الإطار، لفت الموقع العبري إلى أن شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال "أمان" والتي يقودها اللواء شلومي بيندر، "شرعت بالفعل في هذه المرحلة في عدة إجراءات لإنشاء وحدة مستقلة لتجميع المعلومات ورصد تحركات ونشاطات الحوثيين، بضمن ذلك جمع المعلومات بمساعدة جيوش وأجهزة استخبارات أجنبية تتقاطع مصالحها مع إسرائيل، ضد الحوثيين".

إضافة إلى ما تقدم، ذكر الموقع أنه ثمة "توجه من قبل المستوى السياسي الإسرائيلي لإنشاء تحالف أوسع بكثير من التحالف القائم ضد الحوثيين، وذلك عبر تعزيز وزيادة الهجمات ضد المنشآت الحيوية الوطنية في اليمن، والبنى التحتية التي تدعم التنظيمات المسلحة هناك، بما في ذلك استهداف شخصيات بارزة من جماعة الحوثي".

وعزا "والا" التوجه المذكور إلى "كون أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تصطدم بتقيدات وصعوبات في تحديد أهداف ذات قيمة عالية في اليمن"، في إشارة إلى أهداف قد يدفع تدميرها الحوثيين إلى التراجع عن "جبهة الإسناد" التي افتتحوها جزءاً من "دعمهم لغزة" ضد حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

ويرى مسؤولون كبار في الجيش أن استهداف المنشآت الحيوية في اليمن هي "الخيار الأفضل"، مع ذلك تؤيد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية "استهداف قادة الحوثيين ومقدراتهم بشكل مباشر".

لكن بحسب المعلومات الاستخبارية المتوفرة لدى الجيش الإسرائيلي، كما ينقل الموقع، فإن "كبار قادة التنظيم يختبئون في الكهوف، وهو ما يُصعّب العثور عليهم؛ إذ يتبعون نموذج (اختباء) على النمط الذي اتبعه تنظيم القاعدة في أفغانستان".

وفي السياق، ذكر الموقع أنه خلال مداولات عقدتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، قدم عدد من الجنرالات في الجيش الإسرائيلي موقفاً واضحاً مفاده بأنه "من دون الإضرار بسلسلة التوريد الخاصة بالحوثيين ومن دون إجراءات مضادة تستهدفهم، سيكون صعباً تحقيق الهدف المنشود بردعهم"، وذلك خلافاً لتوصيات سابقة باستهداف إيران مباشرة بدلاً من الحوثيين، من أجل ردع الأخيرين.

دور أميركي أكبر

إلى ذلك، نقل الموقع عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله "الحوثيون تنظيم مستقل ولن يوقفوا عملياتهم ضد إسرائيل إذا هاجمنا إيران. وقد ثبت مؤخراً أنه حتى عندما تطلب منهم إيران التوقف، لا يصغون حقاً. ولكي نحقق نتيجة ينبغي ضربهم".

ووفقا لمراسل الشؤون العسكرية في قناة "كان 11″، إيتاي بلومنتال، فقد شاركت أكثر من 20 طائرة إسرائيلية في العملية الأخيرة، التي شملت مهام قتالية وتزويد الوقود والاستطلاع، مستهدفة ممرات تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين.

وأشار إلى أن تنفيذ العملية في وضح النهار كان يهدف إلى إحداث تأثير نفسي، مع تأكيد استعداد إسرائيل لتنفيذ المزيد من الهجمات، مع مساع لحشد دول أخرى، خاصة الولايات المتحدة، للمشاركة في العمليات.

من جانبه، أوضح ألون بن ديفيد، محلل الشؤون العسكرية في قناة "13"، أن إسرائيل تدرك محدودية قدرتها على الحسم في اليمن، مشيرا إلى أن الصراع لن يُحسم بهجمات فردية.

ولفت إلى وجود قيدين رئيسيين يعرقلان العمليات، أولهما ضعف القاعدة الاستخبارية الإسرائيلية في اليمن، والآخر الحاجة إلى استخدام القوة الجوية فقط بسبب المسافة البعيدة، مما يجعل استهداف عدد كبير من المواقع في وقت قصير أمرا مستحيلا.

بينما أكد بن ديفيد أن التحدي الأكبر أمام إسرائيل هو إقناع الولايات المتحدة بأن الحوثيين يمثلون تهديدا عالميا، وليس مشكلة إسرائيلية فقط، داعيا إلى دور أميركي أكبر من خلال نشر قوات بحرية وجوية في المنطقة، وهو ما تعجز إسرائيل عن تحقيقه بمفردها.

على الجانب الآخر، افادت قناة "كان 11" بأن المتحدثين باسم الحوثيين أكدوا أن الهجوم الإسرائيلي لن يردعهم، متعهدين بمواصلة استهداف إسرائيل دعما لغزة.

بدوره، قال نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية في القناة "12"، إن المواجهة مع الحوثيين أصبحت جزءا من سلسلة طويلة من العمليات، مما يثير تساؤلات عن مدى استعداد إسرائيل لتحمل تبعات الدخول في حرب استنزاف طويلة، خاصة مع قدرة الحوثيين على الاستمرار في إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ.

أما نائب قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق، نمرود شيفر، فقد حذّر من مخاطر الدخول في حرب استنزاف، مشيرا إلى التأثير النفسي الذي تخلفه الهجمات على الإسرائيليين، حيث يُجبر الملايين على دخول الملاجئ مع كل تهديد صاروخي، حتى وإن لم تصب الصواريخ أهدافها.

من جهته، شدد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، عاموس يدلين، على أن المسافة الكبيرة التي تفصل إسرائيل عن اليمن تزيد من تعقيد العمليات العسكرية.
وأوضح أن سلاح الجو الإسرائيلي يركز حاليا على محاولة فرض حصار على واردات الأسلحة من إيران إلى اليمن، بما يشمل الأموال ومكونات الصواريخ والطائرات المسيرة، عبر استهداف الموانئ والمطارات اليمنية.

تحذير أممي

وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن أي تعطيل لعمل مطار صنعاء الدولي أو ميناء الحديدة قد يؤدي إلى شلل العمليات الإنسانية باليمن في ظل تزايد احتياجات هذا البلد الاغاثية بشكل ملحوظ.

ولفت المنسق المقيم، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة باليمن جوليان هارنيس، إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء، الخميس، تزامنت مع وجوده في المطار رفقة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الذي كان يستعد لمغادرة صنعاء ضمن وفد أممي.

وقال: "وقعت غارتان على بعد 300 متر تقريبا إلى الشمال والجنوب من مكان تواجدي أنا والدكتور تيدروس"، مضيفا: "الأمر الأكثر إثارة للخوف في الغارتين لم يكن التأثير علينا، بل وقوعهما بينما كانت طائرة مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية تقل مئات الركاب على وشك الهبوط".

وتابع: "تمكنت تلك الطائرة من الهبوط بأمان، وتمكن الركاب من النزول منها رغم تدمير برج المراقبة بالمطار، لكن كان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ بكثير".

موضحا أهمية مطار صنعاء وخطورة تعطيل عمله، قال هارنيس، إن هذا المطار يغادر عبره الآلاف من غير القادرين على الحصول على رعاية صحية لائقة ومتقدمة في اليمن، للذهاب إلى بلدان أخرى مثل الأردن ومصر.

وأضاف أن مطار صنعاء يدخل ويغادر منه جميع العاملين في مجال المساعدات الإنسانية الدولية الذين يعملون في شمال اليمن. ومن ثم فهذا المطار، وفق المسؤول الأمني، يُعد "موقعا إنسانيا حيويا للغاية"، وتعطيل عمله "قد يؤدي إلى شلل العمليات الإنسانية" في اليمن.

كما حذر هارنيس، من أن الضربات الجوية على ميناء الحديدة، "مثيرة للقلق بشكل خاص"، خاصة أن الميناء يُعد البوابة الرئيسية لدخول السلع والبضائع المستوردة إلى اليمن.

وأوضح أن اليمن يستورد ما يقرب من 80 بالمئة من إمداداته الغذائية، ومن ثم فإن تعطيل عمل هذا الميناء يعني أن سكان شمال اليمن بالكامل، الذين يشكلون ما بين 65 و70 بالمئة من السكان، سيكونون في حاجة إنسانية متزايدة.

وكشف هارنيس، أن حوالي 18 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، ما يمثل نصف عدد السكان تقريبا، مشيرا إلى أن العدد قد يرتفع إلى 19 مليونا بسبب تدهور الاقتصاد.

وقال: "اليمن يحتل المرتبة الثانية عالميا في نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والثانية في نسبة الأشخاص غير القادرين على الوصول إلى الخدمات الصحية، والثالثة في نسبة من يعانون من انعدام الأمن الغذائي".

وحذر المنسق الأممي من أن استمرار التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل قد يؤدي إلى تأثيرات إضافية على البنية التحتية المدنية، بما في ذلك الموانئ والمطارات والطرق، ما سيزيد من معاناة الشعب اليمني، داعيا الأطراف كافة إلى "الالتزام بالقانون الإنساني الدولي" لتجنب تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في اليمن".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى