بعد إنهيار محور إيران.. هل لدى واشنطن إستراتيجية واضحة ضد الحوثيين في اليمن؟
بعد إنهيار محور إيران.. هل لدى واشنطن إستراتيجية واضحة ضد الحوثيين في اليمن؟
اليمن -
بعد انهيار نظام الأسد في سوريا، يبرز الحوثيين كآخر أذرع إيران في المنطقة الذي يصاعد التهديد مؤخراً بشكل لافت. وبعد تعطيل المحور الإيراني يجري النقاش على مستويات مختلفة عن اليمن، ويطرح السؤول هل سيكون الحوثيون هم التالي؟
وبرزت التحركات الدبلوماسية الأمريكية المكثفة خلال الأيام الماضية بلقاء مسؤولين في الحكومة الشرعية وأجرت سلسلة لقاءات في الرياض، كما انتقل السفير الأمريكي ستيفين فاجن إلى القاهرة والتقى عدد من البرلمانيين وقيادات في مكونات سياسية.
وشنت القوات الأمريكية مساء السبت الماضي غارات على مواقع في صنعاء. وقالت انها استهدفت منشأة تخزين الصواريخ وغرفة قيادة وسيطرة للحوثيين، وللمرة الثانية تعلن الولايات المتحدة استهداف مركز قيادة وسيطرة للحوثيين منذ بدء الغارات الأمريكية على مليشيا الحوثي في يناير الماضي.
والأسبوع الماضي زعمت القيادة المركزية الأمريكية أن إحدى غاراتها استهدفت مركز قيادة وسيطرة رئيسي ينسق أيضا للهجمات الحوثية البحرية، حيث لم تكن الغارات تستهدف مراكز القيادة والسيطرة، بل تركز على منصات الإطلاق وأنظمة التحكم والرادار ومخازن الصواريخ وفق بيانات القوات الأمريكية. ويقول الحوثيين إن عدد الغارات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا تصل إلى 1000 غارة في الفترة يناير ديسمبر2024.
ولا يعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة تمتلك استراتيجية جديدة للتعامل مع الحوثيين بناء على المتغيرات الدراماتيكية التي حدثت في سوريا، وفي ظل هذه التغيرات برزت تقارير أمريكية تعيد قراءة الهجمات الأمريكية في اليمن ضد الحوثيين والتي بدأت مطلع العام الجاري. حيث بدت تلك الهجمات أنها بلا جدوى في الواقع ولم تؤثر على قدرات الحوثيين العسكرية.
الهجمات الأمريكية على الحوثيين
ورأت تقارير أمريكية أنه يتعين على الولايات المتحدة توسيع الهجمات ضد الحوثيين حيث كانت تجنبت إلى حد كبير الانتقام الواسع من الحوثيين. وأوصى معهد دول الخليج العربي في واشنطن "يتعين على الولايات المتحدة أن تزيد من ضرباتها الهجومية، وأن توضح للحوثيين أن القادة سوف يتم استهدافهم".
من جانبه قال العقيد في الجيش اليمني محمد اليفرسي "إن خوفا حوثيا يتصاعد من الهجمات الأمريكية الجديدة لأن الضربة ستكون مختلفة، ضربة قد لا تكون بأسلحة معتادة، يلحقها تفكك غير محسوب، كبيجر حزب الله وشلل اتصالات بشار وغرف تحكم إيران".
وكان انفجار أجهزة البيجر في جميع مناطق لبنان في 17 سبتمبر الماضي "نقطة تحول في الحرب ضد حزب الله وأدت إلى إرباكه" كما قال رئيس قسم في الموساد وأضاف "أن انهيار نظام الأسد في سوريا عقب ذلك، ما يعني أن المحور الإيراني بأكمله تعطل، و"كما علمنا اليوم، فقد أوقفت حتى الميليشيات العراقية". وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك صن" الأمريكية.
إلى ذلك قال الباحث اليمني إبراهيم جلال الباحث "يبدو أن الاستهداف الغربي للمتمردين الحوثيين في اليمن دخل مرحلة جديدة ليشمل الآن هياكل القيادة والسيطرة"، وأردف موضحا – بمنور على منصة إكس – "من المرجح أن تكون القيادة العسكرية الحوثية هدفاً في الفترة المقبلة، بعد أن شهدت تصعيداً حدودياً كبيراً وغير قابل للتراجع".
تحركات سياسية وعقوبات اقتصادية
في الشهور الثلاثة الماضية تحركت الولايات المتحدة سياسيا في اليمن على نحو غير مسبوق على المستوى الدبلوماسي. في جلسة الإحاطة الأخيرة بشأن اليمن بمجلس الأمن قالت واشنطن "لقد طفح الكيل".
وعقد السفير الأمريكي لدى اليمن لقاءات مكثفة طوال الأشهر الثلاثة الماضية مع مكونات سياسية مختلفة في اليمن شملت مجلس القيادة الرئاسي وأعضاءه مجتمعين ومنفردين بعضهم عدة مرات، وقيادات عسكرية، ورؤساء مؤسسات رسمية مثل مجلس النواب وأعضاء مجلس نواب، ومؤسسات أخرى، وزعامات قبلية وقيادات مجتمعية واقتصادية.
لغة البيانات الأمريكية بدأت مؤخرا تتحدث عن عدوان داخلي حوثي، وسبل المواجهة، ونضال اليمنيين من أجل العدالة والمساءلة ومواجهة انتهاكات حقوق الإنسان. كما ركزت على نقاط عدة أهمها وحدة مجلس القيادة الرئاسي وإصلاحات اقتصادية واسعة، وأولوية الوصول إلى سلام في اليمن، ومواصلة مواجهة مكافحة الإرهاب، والتهريب والمخدرات، بجانب الهدف الأهم؛ وقف الهجمات الحوثية البحرية.
اقتصاديا شملت التحركات الأمريكية خلال الأشهر فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية على مليشيا الحوثي، خلال الفترة بين يناير وديسمبر 2024 فرضت الولايات المتحدة 13 أمرا بمعاقبة قادة وممولين وشبكات حوثية محلية وخارجية متورطة في تمويل الحوثي وتهريب الأسلحة ومكوناتها وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها.
وبالإضافة إلى تصنيف الحوثي منظمة إرهابية عالمية من نوع خاص. كما تركزت العقوبات على قطاع تجارة الوقود وخاصة شبكة سعيد الجمل، وقطاع الصرافة والتمويل وشبكة سفن بحرية.
ورأى الصحافي الاقتصادي وفيق صالح "هناك تغير لافت في موقف الإدارة الأمريكية تجاه الأزمة في اليمن، لاسيما فيما يتعلق بالجانب المالي والاقتصادي، حيث ظلت واشنطن طوال السنوات الماضية، ترعى مع الأمم المتحدة، اجتماعات في الأردن بين الحكومة والحوثيين".
وقال في منشور بمنصة إكس "حالياً نرى عقوبات أمريكية لأول مرة تطال محافظ البنك المركزي التابع للحوثيين في صنعاء، بعد سنوات من حظر الطبعة الجديدة من العملة وفرض واقع الانقسام النقدي، والذي بلا شك سينهي أي محاولات للتقارب، وسيقلص من تأثير الحوثيين على القطاع المصرفي والوضع النقدي".
واشنطن بلا إستراتيجية في اليمن
بجانب المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ والسفير ستفين فاجن بدا مؤخرا حضور رئيس مكتب مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط جيسي ليفينسون قضايا الأمن الإقليمي ومواجهة عدوان الحوثي داخل اليمن وخارجه منتصف ديسمبر الجاري.
كما شهد لقاءات عسكرية متنوعة مع قيادة الأركان وقادة عسكريين بارزين في اليمن. ومع ذلك هناك تشكيك واسع على تحول في السياسة الخارجية الأمريكية وجدية ضرباتها في أوساط يمنية عديدة.
وقال الكاتب الصحافي عدنان الجبرني "بين فترة وأخرى يظهر وزير الدفاع أو القيادة المركزية لإعلان تنفيذ عمليات دقيقة ونوعية لتدمير منشآت قيادة وسيطرة ومخازن استراتيجية للحوثيين، لكن عندما تتعقّب نتائج الغارات (حوالي ٧٠٠ غارة وقصف بحري) تجد أنها تستهدف مواقع عادية وبعضها وهمية أو قصفت من قبل"
وتحدد الضربات ضمن سقف محدد ومرسوم – وفق الجبرني – الذي يفسر السلوك الأمريكي على أنه "يبدو استجابة وتفاعل مع غضب وطلب اسرائيلي، واستمراراً في شراء الوقت الى حين بلورة استراتيجية جديدة للتعامل مع الحوثي في المرحلة المقبلة".
ويربط الأمريكيين استهداف قيادات حوثية بمقتل جنود أمريكيين، وهو ما لم يحدث حتى الآن – وفق منشور الصحافي الجبرني في تويتر – والذي قال |في حال سقوط أي قتلى حوثيين جراء الغارات فهي أضرار جانبية، بمعنى أنهم لم يكونوا مقصودين للقتل بذاتهم وفقا لاستراتيجية الامريكيين الحالية".
وأعلنت القوات الأمريكية الأحد أن نيران صديقة أصابت طائرة أمريكية من طراز إف-18 وأجبرت طيارين من البحرية على القفز من طائرتهما بينما كانت القوات الأميركية تضرب أهدافًا حوثية في اليمن. في حين أعلن الحوثيين أنهم أسقطوا تلك الطائرة.
وعلقت الصحافة الأمريكية على الحادث للتبرير بعدم توسعة الهجمات في اليمن، ورأت وكالة أسوشيتد برس إسقاط الطائرة بأنه "يؤكد مدى خطورة ممر البحر الأحمر" ويؤكد أيضًا على إحجام أمريكا عن تصعيد القتال ضد الحوثيين وغيرهم من وكلاء إيران.
وقال محرر الشؤون الخارجية في صحيفة "الصن" الأمريكية "قد يرى خصوم حادث النيران الصديقة كعلامة على أن الجيش الأمريكي أصبح صدئًا. – واستدرك محذرا – "والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه يشير إلى عدم وجود استراتيجية شاملة في اليمن".
وباعتبار الحوثيون آخر مخلب لإيران في المنطقة العربية عقب إضعاف وكلاء طهران الآخرين. فهل لدى واشنطن إستراتيجية واضحة للتعامل مع الحوثيين في اليمن؟