أخبار إيجازتقارير واستطلاعات

تحالفات (الحوثي) مع القاعدة والشباب.. شبكة تهديدات عابرة للحدود تمسّ استقرار المنطقة

تقرير: نبيل صلاح

يكشف تقرير فريق الخبراء الأممي المعني باليمن والصادر مؤخراً (أكتوبر 2024) عن تحالفات متقدمة تجمع بين ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران وتنظيمات إرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة وحركة الشباب الصومالية. إذ يبرز التقرير، الصادر عن مجلس الأمن، تفاصيل توضح كيف أن ميليشيا الحوثي أسست علاقات "تحالف انتهازي" مع هذه التنظيمات، يتضمن تبادلًا في الأدوار والموارد لتهديد الأمن اليمني والإقليمي، ما يشكل خطرًا متزايدًا على استقرار المنطقة وممرات الملاحة الدولية.

تقرير فريق الخبراء الأممي: تحالف "انتهازي"جمع بين ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران وتنظيمات إرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة وحركة الشباب الصومالية، لتبادل الأدوار والموارد لتهديد الأمن اليمني والإقليمي.

حلف غير تقليدي يعزز القدرات الهجومية

كشف التقرير أن التعاون بين الحوثيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يأخذ شكل "حلف انتهازي"، حيث يجمع بين الطرفين التنسيق في الجوانب الأمنية والاستخباراتية، ويوفر كلاً منهما ملاذات آمنة لأعضاء الآخر.

التقرير أشار إلى أن الحوثيين قاموا بتزويد القاعدة بطائرات مسّيرة وصواريخ حرارية وتدريب مقاتليهم، وهي موارد عسكرية يُعتقد أنها تساهم في توسيع قدرات التنظيم على تنفيذ عمليات هجومية ضد القوات الحكومية في المناطق الجنوبية كأبين وشبوة.

بحسب التقرير، أطلقت ميليشيات الحوثي سراح سامي ديان، القيادي في تنظيم القاعدة، والذي كان في سجون صنعاء لمدة 15 عامًا، ويعتبر ذلك بمثابة إشارة على عمق العلاقة بين الطرفين. كما شهدت البيضاء تحركات منسقة بين التنظيمين تمثلت في حل جبهة القاعدة ضد الحوثيين في المنطقة.

ويشير التقرير إلى أن القاعدة تسعى لإعادة بناء نشاطها الإعلامي لدعم جهود التجنيد والتحريض على شن هجمات، وذلك منذ وفاة زعيمها خالد باطرفي في مارس 2024، وتعيين سعد بن عاطف العولقي خلفًا له، والذي يُعتقد أنه يمتلك خبرة عسكرية قوية. كما أشارت الحكومة اليمنية إلى أن العولقي يمتلك خططًا تتماشى مع أهداف ميليشيا الحوثي في مهاجمة قوات الحكومة الشرعية، وهو ما قد يشكل تهديدًا مشتركًا على المناطق المحررة.

الحوثيون وتوثيق العلاقات مع حركة الشباب الصومالية

تطرّق التقرير أيضًا إلى العلاقات المتنامية بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية، حيث كشفت مصادر سرية أن الحوثيين يقومون بتقييم خيارات لشن هجمات في البحر من الساحل الصومالي، في محاولة لتوسيع رقعة عملياتهم وتعزيز نفوذهم على المستوى البحري. وتؤكد التقارير أن هناك عمليات تهريب متزايدة بين الجانبين، تشمل أسلحة صغيرة وخفيفة، إذ أن الجماعتين تمتلكان أسلحة من نفس الطرازات، ما قد يدل إما على تزويد غير مشروع بالأسلحة بينهما أو وجود مورد مشترك، ويواصل فريق الخبراء التحقق من هذه الصلة بالتعاون مع جهات أخرى.

يقول التقرير إن الجهود المتزايدة بين ميليشيا الحوثي وحركة الشباب لتهريب الأسلحة ونقلها تهدد الأمن في المنطقة. فعمليات التهريب التي تشمل أسلحة خفيفة وذخائر وقنابل يدوية وصواريخ، تزيد من تعقيد المشهد الأمني، وتُعتبر عاملًا يسهم في تعزيز خطر الهجمات البحرية على السفن التجارية وناقلات النفط.

محاكاة "الحرس الثوري"

يوضح الصحفي والباحث المختص بالشؤون العسكرية والجماعات المسلحة، عدنان الجبرني، في تصريح خاص لـ"إيجاز"، أن الحوثيين يسعون للعب دور إقليمي متصاعد، محاولين محاكاة أساليب "الحرس الثوري الإيراني" في استخدام الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية لتحقيق أهدافهم. ويقول الجبرني إن ميليشيات الحوثي تمر بحالة من "تضخم الذات"، مشيرًا إلى أن استراتيجيتهم تتضمن رفع مستوى المناورة بالتحالفات، ويشمل ذلك ملف المعارضين السعوديين كوسيلة ضغط على خصومهم في المنطقة.

الصحفي عدنان الجبرني باحث متخصص في الشأن العسكري والجماعات المسلحة
الصحفي عدنان الجبرني

الجبرني: يسعى الحوثيون للعب دور إقليمي متصاعد، محاولين محاكاة أساليب الحرس الثوري الإيراني في استخدام الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية لتحقيق أهدافهم. هذا التخادم مع الجماعات الإرهابية بدأ بوضوح في 2020، حين أطلقت ميليشيات الحوثي سراح عناصر من تنظيم القاعدة من سجون صنعاء.

ويضيف الجبرني أن هذا "التخادم" مع الجماعات الإرهابية بدأ بشكل واضح في 2020، حين أطلقت ميليشيات الحوثي سراح عناصر من تنظيم القاعدة من سجون صنعاء أثناء المعركة على مأرب، مما يسلط الضوء على تكتيك الجماعة في إشغال خصومها وإرباك الوضع العسكري في البلاد.

كما يشير إلى أن التوجه الحوثي نحو حركة الشباب الصومالية يعد خطوة إضافية لتعزيز صورة الجماعة كراعٍ إقليمي يروج لخطاب "مواجهة الاستكبار".

مصالح مشتركة وتهديد مباشر للملاحة

من جانبه، يرى فرناندو كارفاخال، عضو فريق الخبراء السابق بالأمم المتحدة المعني باليمن، في تصريح خاص لـ" إيجاز" أن العلاقات الحوثية مع القاعدة تمتد لسنوات، وأن التقرير الأخير هو مجرد توثيق لما تم تحذير المجتمع الدولي منه سابقًا. ويؤكد أن التعاون بين الحوثيين والقاعدة تطور منذ 2020 إلى علاقة تكتيكية قوية، حيث تمكن الحوثيون من تزويد التنظيم بوسائل دعم لوجستي، تشمل الطائرات المسيّرة التي يُعتقد أنها منخفضة التكلفة، وتستخدم لشن هجمات نوعية ضد القوات الحكومية.

يشير كارفاخال أن تنظيم القاعدة ليس لديه القدرة على إنتاج أو استيراد التكنولوجيا العسكرية الحديثة، ولذلك يعتمد على الحوثيين للحصول على الطائرات المسيرة، ما يبرز أهمية الحوثيين في تمويل ودعم التنظيم بوسائل قتالية متنوعة. كما يشير إلى أن هذه العلاقة تمنح الحوثيين فرصة جمع المعلومات حول تحركات القوات الحكومية والتشكيلات العسكرية المناوئة، وخاصة في محافظة البيضاء، التي تعد من المناطق الاستراتيجية، حيث يسعى الحوثيون إلى استغلال المعلومات لتعزيز قدرتهم على استهداف الجيش اليمني وشن هجمات على المحافظات الجنوبية.

وبالنسبة لعلاقة الحوثيين مع حركة الشباب الصومالية، يقول كارفاخال إنها تمنح الجماعة فرصة لزيادة الضغط على حركة الملاحة الدولية، حيث ترتبط ميليشيات الحوثي بشبكات تهريب قادرة على تزويد الشباب بأسلحة إيرانية.

فرناندو كرفاخال

كرفاخال: العلاقات الحوثية مع القاعدة تمتد لسنوات، والتعاون بينهما تطور منذ 2020 إلى علاقة تكتيكية قوية، حيث يحصل التنظيم على دعم لوجستي من الحوثيين، يشمل طائرات مسيّرة. هذا التحالف يمنح الحوثيين ميزة استخبارية واستراتيجية، ويساهم في تعزيز قدرات الطرفين على تنفيذ عمليات ضد أهداف بحرية وأعمال القرصنة، مما يضع البحر الأحمر وباب المندب تحت تهديد دائم.

 ويشير إلى أن هذا التحالف يعزز من قدرات الطرفين على تنفيذ عمليات مشتركة، سواءً ضد أهداف بحرية أو من خلال أعمال القرصنة، مما يضع منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب تحت تهديد دائم.

استجابة دولية مطلوبة

في ضوء هذه الحقائق المثيرة، يرى مراقبون ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف هذا التهديد المتنامي. فالحوثيون، بفضل تحالفاتهم مع الجماعات الإرهابية، يمتلكون قدرات لوجستية وعسكرية متنامية، تهدد استقرار اليمن وتعيق أي جهود لإحلال السلام في المنطقة. وتبقى الاستجابة الدولية المنسقة، عبر تعزيز قدرات الحكومة اليمنية ودعمها لاستعادة السيطرة، السبيل الوحيد لإيقاف تمدد هذه الشبكات الخطرة، والحد من تأثيراتها السلبية على الأمن الإقليمي والملاحة الدولية.

Related Articles

Back to top button